خرجت أول مظاهرات الثورة السورية بمدينة بانياس في 18 من آذار سنة 2011، حيث بدأت من جامع الرحمن بعد أن ألقى إمامه أنس عيروط خطبةً دعى فيها إلى ضرورة إنهاء الظّلم الواقع على المدينة، وتحقيق مطالب الشعب، فبدأ المصلّون بالتكبير، وبعد صلاة الجمعة أشعل الناشط أنس الشغري مظاهرة هتفت بالحرية، وبلغ عدد المشاركين نحو 4,000 إلى 5,000 متظاهر، ساروا باتّجاه ساحة دوار المحطة القريبة من الجامع، حيث اعتصموا لعدَّة ساعات،[17] وأوصولوا إلى الأمن مطالب عدَّة من أبرزها منع الاختلاط في المدارس وإعادة المنقبات المفصولات إلى مدارسهنّ وفتح ثانوية شرعية بالمدينة ومكافحة الفساد والبطالة.[18] حدثت بعض التوترات الطائفية بالمدينة في 19 من آذار، ولم يفد العلويون إلى أسواقها في الأيام التالية، فيما استجاب الأمن لأحد مطالب المتظاهرين حيث ألغي الاختلاط بين الجنسين بالمدارس، وحاول بعض مشايخ الصوفية الذين أتوا منحلب إقناع الأهالي على التخلي عن فكرة التظاهر، إلا أنَّهم طردوا من المدينة.[17] خرجت المظاهرات مجدداً بالآلاف مع مواجهات مع الأمن فيجمعة الشهداء بتاريخ 1 نيسان،[19] ثم جمعة الصمود في 8 نيسان،[20] لكن المدينة تعرَّضت للاقتحام في 12 نيسان، حيث اعتقلت قوَّات الأمن200 مواطنٍ في بلدة البيضا جنوب بانياس و 150 آخرين في قرى مجاورة منها بيت جناد، وتعرَّضوا للإذلال والإهانات المختلفة على أيدي المخابرات والشبيحة،[21][22] وأدَّى الهجوم إلى إغلاق طرقات بانياس بالكامل وشلّ الحياة المدنية فيها وانقطاع الغذاء عنها، خصوصاً الخبز الذي واجهت نقصاً حاداً فيه.[22]
إلا أن المظاهرات استمرَّت على منوالها، فخرج المئات في جمعة الإصرار في 15 نيسان،[23] والجمعة العظيمة في 22 نيسان،[24] وجمعة الغضب في 29 نيسان، على الرُّغم من وقوع المدينة تحت حصارٍ خانقٍ استعداداً لاجتياحها.[25] بدأ اجتياح مدينة بانياس في صبيحة الثالث من أيار،[26] حيث بدأت القوات الأمنية باقتحام شوارع المدينة وشنّ حملات اعتقالاتٍ عشوائية، فيما حاول الأهالي إغلاق الأحياء والطرقات لمنعها من الدخول.[27] وكانت حصيلة يوم الاجتياح الأول وقوع 6 قتلى في العمليات الأمنية،[28] كما سقطت 4 قتيلات و5 جريحات في اليوم الخامس جرَّاء إطلاق النيران على مظاهرة نسائية فيقرية المرقب، وهو ما أصبح يُعرَف بـ"مجزرة المرقب".[29][30] وبنهاية الأسبوع كان قد بلغ عدد المعتقلين الذين قبضت عليهم قوات الأمن قرابة 450 شخصاً.[31][32] وأخيراً في 11 من أيار أطلق سراح حوالي نصف المعتقلين، وأعيدت خدمات الكهرباء والماء إلى المدينة بعد انقطاعها لنحو أسبوع،[33]وأعلنت السلطات رسمياً في 13 من أيار انتهاء العملية العسكرية وبدء الانسحاب من مدينة بانياس.[34]
إلا أنَّ المدينة أصبحت بعد الاجتياح موضوعةً تحت طوقٍ أمنيٍّ خانق، حيث أصبحت مملوءةً بالحواجز الأمنية الباقية فيها إلى اليوم، فيما احتلَّت القوات الأمنية نحو 20 بناءً فيها لجعلها ثكناتٍ لها، كما لا زال بضعة عشرات من الأهالي في المعتقلات وأخبارهم منقطعة، كما أصبح الانتشار الأمني بالشوارع كثيفاً جداً، وأصبحت الميدنة مُقسَّمةً على أساسٍ طائفي، ومنع الأهالي من الصيد بعد احتلال المرفأ أمنياً وتلفت المحاصيل الزراعية نتيجة انقطاع الكهرباء والماء المتكرّر، وأدَّى كل ذلك إلى تراجعٍ وركودٍ اقتصاديّ وتردٍّ كبير بالأحوال المعيشية.[35] لكن ابتداءً من منتصف سنة 2012، وعلى الرُّغم من أن المدينة لا زالت تعيش حتى الآن في ظلّ جوٍّ من الهدوء الحذر مع القليل من الأحداث البارزة، فقد بدأت بعض مظاهر الثورة بالرجوع إليها، حيث أصبحت تتكرَّر حوادث إطلاق النار من مصادر مجهولةٍ على حواجز الجيش، واختطاف أو تصفية العساكر، إلا أنَّ المدينة لا زالت في حالةٍ هادئةٍ نسبياً منذ اجتياح الجيش لها في شهر أيار سنة 2011.